أهم الأخبار

الوصول إلى النمو الاقتصادي عبر سيادة القانون

الوصول إلى النمو الاقتصادي عبر سيادة القانون

  • يونيو 23, 2019
من الصين إلى الشرق الأوسط؛ تُشكّل سرقة الملكية الفكرية والفساد والاحتيال أكبر عائق أمام التدفق الحر لرؤوس الأموال والتجارة.

يقول الرئيس “ترمب”: رغم دور التجارة والاستثمار الدوليين في تعزيز النمو الاقتصادي؛ فإن بعض البلدان تجازف بهذا النمو وتعرضه للخطر. وبمجرد إلقاء نظرة فإننا ندرك أن هذا يحدث عند حكومات تتجاهل سرقة التقنيات الرئيسية والملكية الفكرية، وفي بلدان تفتقر لسيادة القانون.

لكن الصين ليست هي التهديد الوحيد، إذ يقدّر “تحالف مكافحة الجرائم المالية” الذي يتخذ من سويسرا مقراً له بأن 2 تريليون دولار من الناتج العالمي هي عائدات الأنشطة الإجرامية، فيما لا يزال غسيل الأموال متفشيًا حول العالم.

في معظم أنحاء العالم النامي يهدد فساد القضاء والمؤسسات الحكومية الأخرى التدفق الحر للسلع ورؤوس الأموال التي تحرك التجارة الدولية. ويمكن أن تؤدي هذه التهديدات، إن تُركت دون معالجة، إلى زيادة التوترات بين الدول، بل وحتى إلى حروب تجارية مباشرة، مما يضع الدبلوماسيين تحت قيود تحد من إمكانية تسميتهم للجهات الدولية المسيئة التي تنتهك سيادة القانون.

ولهذا السبب، فإن “مؤسسة العدالة الدولية” كرّست جهودها لتسليط الضوء على الفساد. وتقوم هذه المؤسسة غير الربحية والتي مقرها واشنطن العاصمة، بمساعدة الأبرياء الذين وقعوا ضحايا لهذا الفساد، وتعمل مع جماعات ذات أهداف مماثلة من أجل تعزيز الممارسات الاقتصادية الجيدة في البلدان التي ترغب في تحسين سمعتها الاقتصادية.


تأسست “مؤسسة العدالة الدولية” على يد رجل الأعمال الكندي عمر عايش. الذي خسر هو ومئات الضحايا الآخرين أموالهم في أكبر عملية احتيال عقاري في الشرق الأوسط. فضيحة “تعمير القابضة” التي قدّرت محاكم دبي قيمتها بـ 1.8 مليار دولار.

يقول عايش: “أدركت أنه لا توجد مجموعة تسعى لتحسين أخلاقيات الأعمال، وتساعد في توعية الناس حتى لا يقعوا ضحايا لمحتالين يحاولون تغطية فساد القضاء والمؤسسات الحكومية الأخرى”.

في الشهر الماضي، افتتحت “مؤسسة العدالة الدولية” عملها بمأدبة غداء تحدث فيها النائب العام الأميركي وقاضي محكمة الاستئناف الفيدرالية السابق “كين ستار” عن أهمية ما تقوم به المؤسسة.
وقال ستار: “لا ينبغي لأحد أن يكون فوق القانون”. وأضاف: “إن الكلام سهل لكن المهم هو تطبيقه، ولذلك نحن بحاجة إلى تسليط الضوء على الفساد الذي يتخفى في الظلام، والسعي لتحقيق العدالة”. يعمل “ستار” كمستشار قانوني متطوع في المؤسسة، ولا يتقاضى أي راتب.

وقال ستار إن القضية في دبي التي دفعت عايش إلى تأسيس “مؤسسة العدالة الدولية” تبرز التحديات التي تواجه المستثمرين الكبار والصغار في الخارج. وأشار إلى أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي، الذي أصدر مبادئ دبي الثمانية التي منها: “لا أحد فوق القانون في دبي، ولا أستثني أحدًا من الأسرة الحاكمة، ولا فرق بين مواطن ومقيم، أو غني وفقير، أو ذكر وأنثى، أو مسلم وغير مسلم في تطبيق القانون، والتأخر في العدالة ظلم”، لكن ما يحدث في قضية “تعمير القابضة” يضع وعود الشيخ محمد بن راشد على المحك كما يقول “ستار”.

وقد استمرت قضية تعمير في محاكم دبي لمدة أحد عشر عامًا، وأثناء هذه الفترة، قدم عايش وآخرون أدلة دامغة على أن عائلة الراجحي ذات النفوذ القوي في المملكة العربية السعودية تورطت في رشاوى وتزوير واختلاس أصول تقدر قيمتها بالمليارات، كما هددت الخبراء الذين عيّنتهم محكمة دبي لدراسة ملابسات القضية.


لهذه القضية آثار أوسع بكثير؛ لأن كلّاً من السعودية ودبي حريصتان على أن تصبحا مراكز تجارية عالمية تقومان على أطر قانونية سليمة وتتمتعان باستقرار اقتصادي وسياسي. ومنذ أن أصبح محمد بن سلمان، المعروف بـ (إم بي اس) وليًا للعهد في المملكة العربية السعودية في عام 2017، زعم بأن سجن منافسيه من العائلة المالكة سيوفر “المزيد من الأمن للمستثمرين”! لكن حملته لمكافحة الفساد هي أشبه بعملية ابتزاز، ولا يزال نظامه يستهدف المعارضين مثل الصحفي المقتول جمال خاشقجي. وكما يبدو أيضاً فإن ابن سلمان قد تجاهل تماماً الدور الذي لعبه أحمد الراجحي في فضيحة تعمير حين نصّبَه وزيرا للعمل والتنمية الاجتماعية في المملكة.

يقول عمر عايش: “إن قضيتي مماثلة لقضايا أخرى ستتبناها مؤسسة العدالة الدولية بغضّ النظر عن عدد الضحايا”، يضيف عايش: “إن مهمتنا هي تثقيف الناس حول حالات مختلفة من سوء تطبيق العدالة ليتجنبوا الوقوع كضحايا، إنّ تسليط الضوء على الفساد سيدفع البلدان لتحسين منظوماتها القضائية ومكافحة الفساد”. ويلاحظ عايش بأن الشرق الأوسط هو منطقة تنتشر فيها مشكلة الفساد بشكل واضح؛ فقد كشف تقرير لشركة “ريفينيتيڤ” “Refinitiv”، المتخصصة في بيانات الأسواق المالية، أن ٧٣٪ من شركات الشرق الأوسط تعي تمامًا أن تعاملاتها الدولية تشمل جرائم مالية، وترتفع هذه النسبة لتصل إلى ٨٥٪ في السعودية.

“سيدني باول”، المدعي العام الفيدرالي السابق، والرئيسة السابقة للأكاديمية الأمريكية لمحامي الاستئناف، تترأس مجلس إدارة مؤسسة العدالة الدولية وتقول: “إن العالم بحاجة خدمات المؤسسة أكثر من أي وقت مضى. لدينا مشكلة كبيرة في جميع أنحاء العالم؛ الشركات تحتاج الاستقرار لتزاول عملها بنجاح”. وأضافت “باول”: “إذا أرادت الدول أن تصبح عواصم مالية وأن تعتبر آمنة للاستثمار فعليها أن تطبق نظاماً قائماً على سيادة القانون”.

______________________________

هذه المقالة مترجمة عن مقالة بعنوان:
For Economic Growth, We Need the Rule of Law

بقلم: جون فند