أهم الأخبار

تقرير كازينو: تحليل قضية احتيال تعمير

تقرير كازينو: تحليل قضية احتيال تعمير

  • أغسطس 31, 2021

نبذة مختصرة من الدراسة:

بروس كازينو، “عملية احتيال بمليار دولار في الشرق الأوسط تبقى بدون تحقيق. مقترح لتحسين معالجة النظام القضائي في دولة الإمارات العربية المتحدة لقضايا الفساد” واشنطن   اضغط هنا لتنزيل التقرير كاملا

 هذا التقرير هو دراسة قانونية مستقلة للفساد في قضية تعمير القابضة للاستثمار ذ.م.م، التي يمتلك أحمد الراجحي (وزير العمل السعودي الحالي) أغلبية ٧٥٪ من أسهمها وهي الشركة التي أسسها رجل الأعمال عمر عايش في ٢٠٠٣. بينت مئات المستندات المسربة قيام أحمد الراجحي وأشقائه بوضع وتنفيذ مخطط للاستيلاء على أصول مجموعة تعمير.

ما زالت هذه القضية منظورة أمام القضاء منذ أكثر من ١٣ عاماً وقد تناوب على دراسة القضية أكثر من ٢٥ خبيراً تم تعيينهم من قبل محاكم دبي من خلال ٧ لجان خبرة. إلا أن أربعاً من هذه الجان لم تتمكن من أداء مهامها بسبب امتناع الراجحي عن تزويدهم بالوثائق المطلوبة أو تمكينهم من فحص الخوادم، فيما تمكنت ثلاث لجان خبرة من إتمام المهمة وإصدار تقاريرها التي حكمت لعايش بأحكام بلغت ٤,٢ مليار و٦,٨ مليار و١,٦ مليار درهم إماراتي بالإضافة إلى التعويضات التي تصل تقريباً إلى مبلغ نصف مليار دولار أمريكي. القضية الآن منظورة أمام محكمة الاستئناف التي حولتها لديوان حاكم دبي في مايو ٢٠٢١ ولا تزال بانتظار الفصل.[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]

قام السيد كازينو بدراسة العلاقة بين أحمد الراجحي وعمر عايش منذ تأسيس عايش لشركة تعمير واتفاقيتي الشراكة بينهما في عامي ٢٠٠٥ و٢٠٠٧. كما قام بدراسة المستندات المسربة والتي استند عليها هذا التقرير (صفحة ٩). بعد سنوات من إنكار أحمد الراجحي لشراكة عايش في مجموعة شركات تعمير تم تسريب العديد من الوثائق التي تثبت الاستيلاء الممنهج على أصول شركة تعمير القابضة للاستثمار.

إن مخطط الراجحي للاحتيال على عايش تضمنت إنكار شراكة عايش ثم الاعتراف بالشراكة ثم معاودة إنكارها (صفحة ١٩)، وفي عام ٢٠٢١ وبعد تهريب الأصول لإظهار مجموعة تعمير وكأنها تكبدت خسائر فادحة قام أحمد الراجحي بالاعتراف بشراكة عمر عايش في مجموعة تعمير لتبدو وكأنها على شفير الإفلاس. من ضمن مخطط عنوانه “المخطط قتل تعمير” (صفحة ١٦). لتأمين غطاء قانوني لمخطط الاحتيال، قامت أسما خان -المدير القانوني للراجحي- بوضع هيكلة قانونية تشمل إنشاء عدة شركات 

صورية مملوكة لأشقاء أحمد الراجحي لنقل الأصول المنهوبة إليها (صفحة ٢٠). كما تم منح فيديريكو توبير –رئيس مجموعة تعمير- وكالة بصلاحيات واسعة مدتها تسعة أشهر لتسهيل قيامه بتأسيس عدة شركات جديدة وفتح حسابات في البنوك وتحويل التمويلات البنكية وإتمام نقل أصول مجموعة تعمير إلى هذه الشركات الصورية تنفيذاً لمخطط قتل تعمير (صفحة ٢١).

يُظهر السيد كازينو مدى تعقيد مخطط الاستيلاء من خلال بعض المشاريع التي تمت مناقشتها في الوثائق المسربة، والتي تشمل عدد ٦ قطع أراض في إمارة دبي (صفحة ٢٢)، ومخطط لتحويل عائدات مشروع برج الامبيريال (صفحة ٢٣) والاستيلاء على حصص شركة تعمير في شركة أم القيوين للتطوير العقاري (تطوير) (صفحة ٢٧). توضح المستندات المسربة بالتفصيل مخطط الاستيلاء على واحد من أضخم مشاريع تعمير، مشروع أبراج تعمير في أبو ظبي، كما بين خطة بيع المشروع في ٢٠٢٢ للاستيلاء على حقوق عايش وحقوق المستثمرين في هذا المشروع (صفحة ٢٥). لقد لفت مشروع تعمير الأنظار في المنطقة عندما انتشرت الأخبار حول صدور أحكام تحكيم لصالح المستثمرين في هذا المشروع وكذلك الأخبار حول عرض تعمير على المستثمرين الحصول على نصف ما قاموا بدفعه وبأن المستثمرين الذين حصلوا فعلاً على أحكام قطعية لم يتمكنوا من تنفيذ تلك الأحكام للحصول على حقوقهم.

Tameer’s Princess Tower & Elite Residence within the Dubai Marina, United Arab Emirates

كما بين التقرير لاحقاً التصرفات غير القانونية التي تم اتخاذها للتغطية على عملية الاستيلاء (صفحة ٢٨)، ومما تم كشفه أيضاً سهولة قيام موظف لدى أحد أفراد الأسرة الحاكمة في أبو ظبي بتجديد رخص شركات بدون تقديم المستندات المطلوبة وذلك باستخدام بطاقة تعريف مزورة للسلطات المختصة، مما سمح لأحمد الراجحي استكمال عملية الاستيلاء دون علم عمر عايش. وتمتد عمليات التزوير لتشمل تعيين مجالس إدارة صورية لمجموعة تعمير أعضاؤها من موظفي مجموعة الراجحي وذلك بهدف تمرير قرارات مجلس الإدارة بتواريخ سابقة لتاريخ تعيينهم وحتى قبل معرفتهم بتعيينهم كأعضاء لمجلس إدارة (صفحة ٣٠).

إن البيانات المالية الاحتيالية التي أصدرها أحمد الراجحي هي جوهر الفساد المتعلق بمجموعة تعمير (صفحة ٣٣). من خلال دراسة السيد كازينو للمستندات المسربة اتضح أن الأشقاء الراجحي لم يكونوا فقط على علم بل قاموا بالإيعاز بعدم إجراء عملية تدقيق داخلي أو خارجي لحسابات مجموعة تعمير وذلك بالمخالفة لقانون الشركات الإماراتي (صفحة ٣٤). إن المخالفات التي تمت خلال إجراءات التقاضي من حيث منع الخبراء من فحص خوادم الحاسوب لمجموعة تعمير ونظامها المحاسبي مكنت الراجحي من التغطية على أدلة الاحتيال (صفحة ٣٥ و٧١). لم يقتصر الفساد وإجراءات عرقلة العدالة على عدم تمكين الراجحي لخبراء المحكمة من الاطلاع على الحسابات أو فحص الخوادم بل امتد إلى تهديد الشهود المحتملين (صفحة ٣٨). هذا التهديد لم يقتصر على موظفي تعمير السابقين وحسب بل شمل أيضاً الخبراء المعينين من قبل محاكم دبي (صفحة ٣٩).

خلال العام ٢٠١٨ قام أحمد الراجحي بتعيين المدقق الخارجي علي الكيتوب لإصدار الميزانيات المدققة لمجموعة تعمير عن الأعوام ٢٠٠٨ وحتى ٢٠١٦، وهذا التأخر في إصدار الميزانيات المدققة هو بحد ذاته مخالفة للمعايير الدولية للتدقيق والمعايير الدولية لإعداد التقارير المالية بالإضافة إلى أن تجديد رخص الشركات سنوياً يتطلب تقديم ميزانياتها المدققة (صفحة ٤٣). كما شملت المخالفات التي تم بحثها عدم توازن ميزان المراجعة لعام ٢٠٠٨، وعدم تطابق الأرصدة الافتتاحية في ٢٠٠٨ مع الأرصدة الختامية لميزانية عام ٢٠٠٧ المدققة من قبل إرنست آند يونغ، عدم الإفصاح عن التعاملات مع الأطراف ذات العلاقة (بالمخالفة لمعيار إعداد التقارير المالية رقم ٢٤)، وهذه المخالفات لم يتم اتخاذ أي إجراء لتصحيحها، الاحتفاظ بمدفوعات العملاء والتي تقدر بالمليارات لعدة سنوات وعدم احتسابها كعائدات رغم تسليم المشاريع (بالمخالفة للمعيار الدولي لإعداد البيانات المالية رقم ١٥) وكذلك الاحتفاظ بمخصصات تقارب قيمتها ١,٣ مليار لأكثر من عشر سنوات. كما تم تحويل حساب الشريك أحمد الراجحي إلى قرض (بالمخالفة للمعيار الدولي لإعداد البيانات المالية رقم ٣٢) (صفحة ٤٥).

على الرغم من كل أدلة الفساد التي أوردها السيد كازينو في تقريره، إلا أنه يورد أنه بتاريخ ٢٠١٨/٣/٢٥ قامت محكمة الاستئناف بتبني ما انتهى إليه الخبراء الخمسة بالإجماع في القضية بين عمر عايش وتعمير لصالح عمر عايش (صفحة ٤٧). لقد انتهى التقرير إلى أحقية عايش لمبلغ ١٢٦ مليون درهم (٣٤ مليون دولار) بالإضافة إلى مبلغ ٤,١٣٢ مليار درهم (١,١٣ مليار دولار) كتعويض عن حصته البالغة ٢٥٪ من مجموعة تعمير. فصل الخبراء في تقريرهم طريقة احتسابهم لقيمة التعويض بالإضافة إلى العقبات التي واجهتهم للحصول على المعلومات اللازمة. إلا أن عمر عايش لم يتمكن من تنفيذ هذا الحكم كونها قضية محاسبة.

شهدت القضية الحالية بين عمر عايش وأحمد الراجحي اعتذار عدة خبراء بعضهم بسبب التهديد، وقد اعتذر مصطفى الشرياني الخبير العقاري المعين من قبل محاكم دبي، والذي كان حياده محل شك، لعدة أسباب منها امتناعه عن تقييم جميع أصول تعمير البالغة ٥٢ أصلاً حيث اكتفى الشرياني بتقييم ٦ أصول منها فقط (صفحة ٤٨).

علماً أنه سبق للشرياني تبني ما ورد في تقرير لجنة الخبراء المبدئي الصادر لصالح عايش والذي انتهى إلى عدم عدالة التصرفات التي تمت على الأصول وعدم صحة البيانات المالية وبأن عمر عايش يستحق مبلغ ٦,٨ مليار درهم، إلا أنه في التقرير النهائي قام بتغيير رأيه بشكل مريب وقام باعتماد البيانات المالية ورأى أن التصرفات التي تمت على العقارات كانت بقيمة عادلة على الرغم من عدم تقديم أي مستندات جديدة تبرر هذا التغيير في الرأي (صفحة ٤٩). ساهم اعتذار الشرياني المشبوه عن عدم استكمال مأمورية الخبرة خلال إجراءات الاستـئناف إلى استبدال لجنة الخبراء، وبذلك عادت القضية إلى المريع الأول بعد ١٣ عاماً من التقاضي (صفحة ٥٥).

Omar J. Ayesh, Tameer’s Founder & Ahmed S. AlRajhi, Current Saudi Minister of Human Resources & Social Development Prior to Takeover

قام معد الدراسة والخبير في قضايا الفساد والاحتيال المالي البروفيسور بروس كازينو بدراسة الأدلة المتعلقة بالقضية التي عُرفت إعلامياً بـ “أكبر قضية احتيال عقاري في الشرق الأوسط”. الدراسة المؤلفة من أكثر من ثمانين صفحة تقدم مقاربة لقضايا مشابهة في الولايات المتحدة الأمريكية حيث أدت أفعال مشابهة إلى إدانة فاعليها جنائياً. وتشمل الجرائم المرتكبة الاستيلاء وخيانة الأمانة والتزوير كما حدث في البيانات المالية المفبركة في القضية المشهورة لشركتي إنرون (Enron) وأرثر أندرسون (Arthur Andersen). كما شبه الكاتب احتيال الوزير السعودي أحمد الراجحي بقضية الاحتيال المعروفة الذي قام به بيرنارد مادوف رئيس مجلس إدارة ناسداك (NASDAQ) السابق (صفحة ٦٢-٦٥). ويمضي كازينو في تقريره ليقارن انتهاكات الراجحي بالانتهاكات التي ارتكبها مايكل ميكلن لقانون منظمات الكسب غير المشروع واستغلال الفوذ والفساد (RICO). كما بينت الدراسة تفاصيل عمليات الاحتيال والرشوة التي ارتكبها الراجحي من خلال شركة ذا لاند (The Land) في الدوحة، حيث احتال الراجحي على بنوك إماراتية وقطرية وصندوق الاستثمار البريطاني بريدج هاوس (Bridgehouse) في مخطط مطابق تماماً لمخطط الاستيلاء على تعمير (صفحة ٥٦).

ينهي السيد كازينو تقريره المتعلق بالتحديات التي تواجه عملية التقاضي في دولة الإمارات العربية المتحدة ويقدم اقتراحات لمعالجة الثغرات القانونية التي يستغلها المحامون وذوو النفوذ (صفحة ٧١-٧٥). على الرغم من أن النظام القضائي الإماراتي يتمتع بالكثير من نقاط القوة، إلا أن السفارة الأمريكية في دولة الإمارات العربية المتحدة عبرت عن مخاوفها بشأن عرقلة الإجراءات القضائية مشيرة إلى: ” قد تجد بعض الشركات نفسها مضطرة للخروج من السوق الإماراتي بسبب عدم تمكنهم من متابعة إجراءات التقاضي أو بسبب آلية فض النزاعات التي قد تمتد لأشهر وربما لسنوات للفصل فيها”. يخلص السيد كازينو إلى أنه على الرغم من حرص دبي على تحقيق العدالة، إلا أن إجراءات التقاضي فيها عرضة للانتهاك بسبب ضعف آلية المحاسبة عن تلك الانتهاكات (صفحة ٧٧).

الكاتب

البروفيسور الأمريكي بروس كازينو خبير في قضايا الفساد المؤسسي والاحتيال المالي، ويمتلك خبرة كبيرة في التقاضي في جرائم الفساد وفي الدفاع عن رجال الأعمال وفي قانون المطالبات الاحتيالية والرسوم والفساد الجمركي وضوابط التصدير والفساد في الممارسات الأجنبية. لقد قام السيد كازينو بتمثيل عدد كبير من العملاء سواءً كانوا أفراداً أو شركات في مجالات التدقيق التحقيقات والدعاوى سواء كانت مدنية أو جنائية وقضايا الفساد المؤسسي. السيد كازينو عضو في نقابة المحاميين الأمريكية ويرأس اللجنة الفرعية لضوابط التصدير والعقوبات الاقتصادية التابعة للنقابة. وقد عمل كمستشار رئيسي في مجال التدقيق وقضايا الفساد المؤسسي للعديد من الشركات المرموقة منها باناسونيك أفيونيكس، وبوز آلن هاميلتون، وسيمانتيك بالإضافة إلى العديد من مكاتب المحاماة. حصل السيد كازينو على تقييم بارز من قبل مارتيندال هابل في تقييم الزملاء، وهو تصنيف للمحامين يتم بناء على الممارسات التي يتبعونها، وهو زميل مستشار في مجلس القضاء الأمريكي وعضو الجمعية الفخرية للمحامين.

وهو محاضر دائم حول الفساد بالإضافة إلى إصداره عدة أوراق بحث حول التدقيق والفساد بما فيها المشاركة في إصدار أعمال مثل “تطبيق قانون الأعمال الدولي، طبعة 2016: كبار المحامين في الإجراءات الوقائية، وتنظيم التدقيق والتقاضي” كما عمل كمدرس في كلية الحقوق بجامعة جورج واشنطن حيث قام بتدريس المساقات المتعلقة بالفساد المؤسسي لأربعة عشر عاماً، وقام بإعداد أوراق بحث حول التدقيق والأعمال الدولية. حصل على شهادة الدكتوراه في القانون من كلية القانون بجامعة جورج تاون.