أهم الأخبار
مراسلات سرية تكشف تورط عبد الله الراجحي، رئيس مجلس إدارة مصرف الراجحي في أكبر عملية احتيال عقاري في دبي
تعتبر قضية تعمير القضية الأولى التي تتبناها مؤسسة العدالة الدولية والتي تتخذ من العاصمة واشنطن مقراً لها. فهي واحدة من أكبر قضايا الاحتيال العقاري في الشرق الأوسط، ثبت فيها استخدام السلطة والنفوذ المالي والسياسي لممارسة الفساد والاحتيال وهو ما يعرف بفساد “ذوي الياقات البيضاء” (White Collar Fraud).فقد حصلت المؤسسة على وثائق سرية وهامة تكشف تفاصيل خطة نهب أصول شركة “تعمير” والاستيلاء على حصة الشريك المؤسس وأموال مئات العملاء، بقيادة كل من عبد الله الراجحي رئيس مجلس إدارة مصرف الراجحي، وشقيقه أحمد الراجحي وزير العمل والتنمية الاجتماعية السعودي. وقد أطلق منفذو الخطة عليها اسم “مقتل تعمير” (Tameer Is Intended to Die).
وستقوم المؤسسة بتسليط الضوء على هذه القضية من خلال نشر الوثائق السرية المسربة والأدلة التي تكشف تورط خمسة أشقاء من عائلة الراجحي وعدد من موظفيهم وشركاتهم بالإضافة إلى مؤسسات مالية حكومية وشخصية من الأسرة الحاكمة في الإمارات، بالإضافة إلى مدقق الحسابات علي الكيتوب وخبير محاكم دبي محمد سعيد الشريف.
تأسست شركة تعمير العقارية في دبي عام 2003 على يد رجل الأعمال الكندي عمر عايش، واشتهرت كواحدة من أكبر شركات التطوير العقاري في الشرق الأوسط، وبخاصة بعد تطويرها برج Princess Tower (برنسس تاور) في دبي، وهو أطول برج سكني في العالم وفقاً لموسوعة غينيس للأرقام القياسية.
برنسس تاور – دبي
في عام 2005 اشترى أحمد الراجحي 50% من تعمير. وفي عام 2007 اشترى 25% إضافية لتصبح حصته إلى 75% مقابل 25% لعمر عايش.وفي العام 2007 عين الراجحي بنك الخليج الدولي لتقييم “تعمير” بهدف طرح الشركة للاكتتاب العام، حيث أصدر البنك تقييمه للشركة بمبلغ خمسة مليارات دولار، ليبدأ بعد ذلك ما يمكن اعتباره أكبر عملية احتيال في تاريخ الشرق الأوسط أسفرت عن نهب أصول الشركة والاستيلاء على حصة مؤسسها التي بلغت آنذاك 1.25 مليار دولار أمريكي وأموال مئات العملاء، بحسب الوثائق السرية المسربة والتي اعترف محامو الراجحي بصحتها في محاكم دبي.
تمتلك عائلة الراجحي أكبر بنك إسلامي في العالم وهو مصرف الراجحي الذي تبلغ صافي أصوله الـ 90 مليار دولار، ومجموعة الراجحي القابضة، وهي مجموعة أعمال تجارية متنوعة مقرها المملكة العربية السعودية. عبد الله الراجحي هو الأخ الأكبر وهو رئيس مجلس إدارة بنك العائلة المذكور وأحد أغنى 1000 شخص في العالم. وبالرغم أن عبدالله الراجحي لم تكن له أي صلة قانونية بمجموعة تعمير، لكنه لعب دورًا رئيسيًا في عملية الاحتيال. حيث شارك بنقل أو “بيع” أصول تعمير بطرق غير مشروعة لشركات مملوكة لعائلة الراجحي حسب ما أثبته خبراء محاكم دبي.
وبحسب الوثائق المسربة، في يوم 10 أكتوبر 2013 قدم أحد المشترين عرضاً لشراء ثلاث قطع أراضي مملوكة لتعمير في منطقة الخليج التجاري أو (Business Bay) بمبلغ 900 مليون درهم. في 11 أكتوبر 2013، أرسل فدريكو تاوبر، الرئيس التنفيذي لتعمير، رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى عبدالله الراجحي ونسخة إلى شقيقه أحمد الراجحي بشأن العرض المقدم، حيث كشفت الرسائل المسربة رفض عبد الله الراجحي بيع هذه الأصول بـ 900 مليون درهم إماراتي وطلب مليار و300 مليون درهم إماراتي. ليقوم بنقل هذه الأصول من خلال عمليات بيع وهمية لشركات تابعة لعائلة الراجحي مثل Sunstone و Moonstone بمبلغ 242 مليون درهم.
وفي عملية أخرى بتاريخ 11 مايو 2014 أرسل فريدريكو بريداً إلكترونياً لعبدالله وأحمد الراجحي بخصوص مستثمر من أبوظبي مهتم بشراء أرض شارع الشيخ زايد بدبي. ورغم أن الدراسة كشفت أن السعر العادل للأرض هو 900 مليون درهم إماراتي إلا أنه قام بنقلها في عمليات بيع وهمية لشركات تابعة لعائلة الراجحي بمبلغ 100 مليون درهم إماراتي.
تصميم المشروع المقترح على أرض شارع الشيخ زايد
في نوفمبر 2013، أرسل فيديريكو رسالة “سرية للغاية” إلى عبد الله وأحمد الراجحي. حيث أكد أنه أرسلها عن طريق الفاكس وليس عن طريق البريد إلكتروني خوفاً من تسريبها، حيث أكد فيها أن نقل أصول تعمير لشركات الراجحي “ليست عملية بيع حقيقية”، وإنما هي عمليات بيع وهمية للاستيلاء على أصول الشركة.
ولأن شركة تعمير مسجلة باسم أحمد وابراهيم الراجحي وبحسب الفاكس السري المسرب فإنه من الممكن إعفاء الراجحي من رسوم نقل الأراضي والبالغة 13.7 مليون درهم إماراتي إذا كانت الشركات المشترية مسجلة باسم ذات الأشخاص (أحمد وابراهيم الراجحي). وقد أوصى فريدريكو بعد استشارة المحامي بتسجيل الشركات المشترية بأسماء فيصل وخالد أشقاء عبد الله وأحمد الراجحي، ودفع رسوم التسجيل وذلك لحماية الأصول المنهوبة من الملاحقة القضائية من كل من الشريك المؤسس عمر عايش وعملاء تعمير. وهذا ما تم بالفعل.
إن تورط عبد الله الراجحي في هذه الجريمة وهو رئيس مجلس إدارة مصرف الراجحي (شركة مساهمة عامة) يخالف جميع المعايير والقوانين الدولية المنظمة لعضوية شركات المساهمة العامة بما فيها شروط هيئة الأوراق المالية السعودية. والتي يقع على عاتقها مسؤولية التحقيق مع عبد الله الراجحي بشأن تورطه بالفساد والاحتيال كونه يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة مساهمة عامة مدرجة في سوق الأسهم السعودية.
كما يتضح من آلاف الوثائق التي تم تسريبها إلى مؤسسة العدالة الدولية، فإن أحمد الراجحي أشرف على تنفيذ خطة الاحتيال بالتعاون مع أخيه عبد الله الراجحي. ليس هذا فحسب، بل إن أحمد الراجحي وفريقه تورطوا في تهديد الشهود وخبير محاكم دبي، فبعد أن أدانت لجنة الخبراء أحمد الراجحي وأشقائه وآخرين في عملية الاحتيال، وحكمت لصالح عايش بستة مليارات و800 مليون درهم إماراتي، استقال رئيس لجنة الخبراء بسبب تعرضه للضغط والتهديد. وبالإضافة إلى ارتكابه لجريمة الاحتيال وقيامه بعرقلة العدالة وتهديد خبير المحكمة، يكون أحمد الراجحي قد انتهك المادتين 41 و 42 من قانون العقوبات الجنائي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي مسألة لم يتم محاسبة الراجحي وفريقه عليها إلى الآن.
إن سيادة القانون ومحاربة الفساد يدخل في صميم مصلحة دولة الإمارات العربية المتحدة خاصة في إطار سعيها الدؤوب لجذب المستثمرين الأجانب وتحسين صورتها، لا سيما أن ترتيب الإمارات قد انخفض في مؤشر السمعة العام للدول من المرتبة 27 في عام 2017 إلى المرتبة 36 في عام 2018. وإذا ما مرّ هذا النوع من السلوك الإجرامي دون عقاب، فإن ذلك يمثل تهديداً حقيقياً لدولة الإمارات العربية المتحدة، ويخالف مبادئ دبي الثمانية التي أعلنها الشيخ محمد بن راشد، حاكم دبي، والتي نصت على أنه “لا أحد فوق القانون في دبي” وبأن “تأخير العدالة ظلم”.