أهم الأخبار

رسالة من مؤسسة العدالة الدولية في واشنطن إلى الشيخ محمد بن راشد: قضية «تعمير» تتطلب تحقيقًا نزيهًا ومحاسبة عادلة.

رسالة من مؤسسة العدالة الدولية في واشنطن إلى الشيخ محمد بن راشد: قضية «تعمير» تتطلب تحقيقًا نزيهًا ومحاسبة عادلة.

  • أكتوبر 22, 2025

في رسالة رسمية من مقرها في واشنطن، دعت مؤسسة العدالة الدولية إلى ضمان نزاهة الإجراءات القضائية في قضية تعمير التي استمرت سبعة عشر عامًا أمام محاكم دبي، مشدّدة على أن العدالة لا ينبغي أن تكون امتيازًا لمن يملك النفوذ أو المال، بل حقًّا مكفولًا للجميع.

صاحب السمو محمد بن راشد آل مكتوم – نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء – حاكم دبي

صاحب السمو،

تتقدم مؤسسة العدالة الدولية (GJF) منكم بأسمى آيات الاحترام والتقدير، ونتشرف بأن تعرض على سموكم قضية مجموعة تعمير، المنظورة أمام محاكم دبي منذ سبعة عشر عاماً والتي باتت مقياساً لمدى التزام دبي بمبادئ حكمها، والتي نصت على أن لا أحد فوق القانون وأن التأخر في العدالة ظلم. إلا أن هذه القضية تكشف كيف تم انتهاك هذه المبادئ من خلال استغلال الثغرات القانونية واستخدام النفوذ وضعف الخبراء.

تأسست مؤسسة العدالة الدولية وهي مؤسسة غير ربحية في العاصمة الأمريكية واشنطن، وتهدف إلى تعزيز نزاهة القضاء وسيادة القانون في المعاملات التجارية. وقد استُلهم تأسيسها من قضية تعمير. ومنذ تأسيسها، ضمت المؤسسة نخبة من القادة البارزين الذين تطوعوا لخدمة العدالة وسيادة القانون. من بين هؤلاء سيدني باول، المدعية الفيدرالية السابقة ومؤلفة كتاب Licensed to Lie، ومايكل ستيل، المحامي والرئيس الأسبق للجنة الوطنية للحزب الجمهوري، وجيم موران، عضو الكونغرس الأمريكي السابق والمحامي الذي كان عضواً في اللجان التي تُشرف على الميزانية الفيدرالية والشؤون الدولية لما يقارب الخمسة وعشرون عاماً وكينيث ستار، المحامي العام السابق للولايات المتحدة والمحقق المستقل، الذي تجسد مسيرته المهنية السعي الدؤوب لترسيخ الحوكمة.

يخوض السيد عمر عايش، مؤسس شركة تعمير المطورة لمشروع برنسس تاور (Princess Tower)، المدرج في موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأطول برج سكني في العالم، منذ عام 2009 نزاعاً قضائيا مع شريكه في مجموعة تعمير أحمد الراجحي. خلال سير الدعوى أصدرت لجنة الخبراء المكلفة من محاكم دبي برئاسة الخبير الدكتور رضا آل رحمة تقريرها المبدئي والذي انتهت إلى أن عمر عايش يستحق تعويضاً عن حقوقه في مجموعة تعمير التي تم الاستيلاء عليها قدره 6.8 مليار درهم إماراتي، إلا أنه وقبل أن تقوم لجنة الخبراء بإصدار تقريرها النهائي تقدم الخبير الدكتور رضا آل رحمة بطلب اعتذار عن استكمال مهمة الخبرة مسبباً طلبه بتعرضه لتهديدات وضغوطات من قبل الوزير (في إشارة إلى أحمد الراجحي)، وقد تم قبول طلب الخبير دون إجراء أي تحقيق أو مساءلة، رغم أن تهديد الخبراء يعتبر  جريمة يعاقب عليها القانون. فعلى سبيل المثال في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تعتبر القوانين المتعلقة بعرقلة العدالة هذه التصرفات جرائم يتوجب المحاسبة عليها – المادة 18 U.S.C. §1512 من القانون الأمريكي والمادة 51 من قانون العدالة الجنائية والنظام العام لعام 1994 البريطاني – تجرم أي تهديد أو ترهيب للشهود، بما في ذلك الخبراء المكلفين من قبل المحاكم.

لاحقاً، أصدرت محكمة دبي الابتدائية حكمها في عام 2020، والذي قضت بموجبه بمنح عمر عايش تعويضاً قدره 1.6 مليار درهم إماراتي (ما يعادل نحو 435 مليون دولار أمريكي) إضافةً إلى تعويض عن الأضرار والفوائد القانونية، وذلك استناداً إلى التقرير النهائي للجنة الخبراء الجديدة التي تم تكليفها. إلا أنه وبعد مرور خمسة أعوام، لا تزال القضية منظورة أمام محكمة الاستئناف.

لقد اتّسمت إجراءات الخبرة خلال مرحلة الاستئناف بحالة من انعدام الوضوح والشفافية. ففي أعقاب عدم اتخاذ أي إجراءات للمحاسبة عن واقعة التهديد التي تعرّض لها الدكتور رضا آل رحمة واعتذاره عن استكمال مأمورية الخبرة، اعتذر خمسة خبراء من محاكم دبي عن دراسة القضية، الأمر الذي اضطر القاضي إلى إحالة المهمة لإدارة الخبرة وتسوية المنازعات في ديوان حاكم دبي.

إلا أن لجنة خبراء ديوان سمو الحاكم أفادت أنها لا تمتلك الموارد الكافية لدراسة القضية وطلبت الاستعانة بمدقق خارجي حيث قامت بتعيين شركة “ديلويت” بتكلفة تجاوزت 4 ملايين دولار أمريكي ولم يكن أمام أطراف الدعوى من خيار سوى تحمل هذه الكلفة. الأمر الذي يطرح سؤالاً جوهرياً هل أصبحت العدالة في دبي متاحة فقط لمن يمتلك الملاءة المالية؟

أصدر فريق التدقيق في ديلويت تقريره في يناير 2025 بعد أن استقالوا جميعاً بشكل غريب ومريب، وانتقلوا إلى شركة برايس ووترهاوس كوبرز (PwC)، علماً أن لشركة برايس ووترهاوس كوبرز تعاملات كبيرة مع مجموعة الراجحي وكانت قد رفضت سابقاً دعوة إدارة الخبرة وتسوية المنازعات للعمل على ملف القضية بسبب تضارب المصالح، وقد تم إصدار التقرير دون أن يتم الإفصاح عن هذه الاستقالات أو تضارب المصالح الناتج عنها، وذلك في المخالفة للمادة (37) من مدوّنة قواعد سلوك المدققين في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك للمعايير الدولية لأخلاقيات المحاسبين المهنيين (IFAC International Ethics Standards for Professional Accountant). 
 
أصدرت لجنة خبراء ديوان الحاكم تقريرها المبدئي في أغسطس 2025، معتمدةً بشكلٍ كبير على ما انتهت إليه ديلويت في تقريرها وقد خلص التقرير إلى نتائج خالفت الثابت بالأدلة والمستندات، ما دفع عمر عايش لتقديم طلب لعقد اجتماع مع ديلويت لمناقشة الأخطاء التي شابت التقرير، إلا أن طلبه هذا قوبل بالرفض. إن حرمان السيد عايش من حقه القانوني بمناقشة ديلويت يُعدّ انتهاكاً لحق الدفاع وحرماناً له من تقديم دفوعه بشكل كامل، ويتعارض مع مبادئ عدالة الإجراءات المنصوص عليها في المادة (30) من قانون الإجراءات المدنية الإماراتي والمادة (121) من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية.

رغم أن كل من ديلويت ولجنة الخبراء توصلوا إلى أن شركة تعمير قد تكبدت خسائراً تتراوح بين 2.1 و2.7 مليار درهم إماراتي (أي ما يعادل 570 إلى 730 مليون دولار أمريكي) نتيجة سوء الإدارة والمعاملات التي تمت مع الأطراف ذات العلاقة بأحمد الراجحي، إلا أنهم فشلوا في احتساب كافة الأضرار التي لحقت بحقوق عمر عايش الأمر الذي كان يعوِّل عليه أحمد الراجحي. لذلك، أمر القاضي الذي ينظر الدعوى الخبراء باحتساب واضح ودقيق لهذه الأضرار واحتساب ما فات من كسب وصولاً إلى تعويض عادل.

لقد وضع الراجحي وفريقه خطة للاستيلاء على حقوق مؤسس تعمير عمر عايش ومئات المستثمرين الآخرين وقاموا بتوثيق هذه الخطة (من خلال رسائل البريد الالكتروني المتبادلة بينهم) وتنفيذها. وقد تم عرض هذه الرسائل المسربة على رئيس نيابة في نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد أفاد أنه في حال تم إثبات مرور أي من هذه المراسلات من خلال خوادم موجودة داخل الولايات المتحدة فسيتم إصدار الأمر بالقبض على الوزير وشركاؤه في هذه الجريمة خلال أربع وعشرون ساعة.

يُعتبر مشروع مدينة السلام أحد الأمثلة على الأصول التي شملها مخطط الاستيلاء، وهو عبارة عن مشروع تبلغ مساحته نحو 220 مليون قدم مربع. ففي عام 2014، قام الأخوة الراجحي بالاستيلاء على المشروع من خلال بيعه لأحمد الراجحي بدرهم واحد للقدم في الوقت الذي كانت فيه قيمته السوقية 100درهم للقدم. بعد تقديم عمر عايش للمراسلات المسرّبة إلى لجنة الخبراء والتي تشرح تفاصيل مخطط الاستيلاء على هذا المشروع. قدمت شركة تعمير اتفاقية تخارج بسعر درهم واحد للقدم بحجة وجود قضايا بين تعمير وحكومة أم القيوين دون تقديم أي دليل يثبت هذه القضايا وكيف أجبرتهم على هذا التخارج المجحف، علماً بأن المشروع يباع حالياً بمبلغ 170 درهم للقدم. وبالرغم أن عايش قدم شهادة ممثل الحكومة تحت القسم بعدم وجود أي قضايا بين الحكومة وتعمير، إلا أن الخبرة تبنت رواية الراجحي بشكل مخالف للبينات.

يُعتبر مشروع أبراج تعمير في أبو ظبي الحائز على عدة جوائز والذي تجاوزت مبيعات المرحلة الأولى منه عدة مليارات من الدراهم، مثالاً آخراً على عملية الاستيلاء على أصول تعمير، إذ أثبتت المراسلات المسرّبة بيع المشروع لأشقاء أحمد الراجحي بثمن بخس بنية الاستيلاء على مليارات الدراهم من حقوق الشريك عمر عايش والمستثمرين الاخرين، وعند تقديم هذه المستندات للخبراء قام الأخوة الراجحي بإعادة ملكية المشروع لتعمير بعد أربع سنوات من الاستيلاء عليه.

بينما تفرض أغلب دول العالم زمن محدد لتقديم البينات وذلك لحماية الأدلة من التلاعب، يسمح القانون في دبي لأطراف الدعوى بتقديم البينات دون شرط أو قيد، وهي الثغرة القانونية التي استغلها الراجحي، أما الثغرة الثانية فهي قبول الخبراء المستندات المصطنعة والاعتماد عليها في ما توصلوا إليه بشكل يخالف المعايير المهنية المتبعة في الأنظمة القانونية المتقدمة، حيث يُعتبر تقديم المستندات المصطنعة تلاعباً بالأدلة، ويُعرّض مرتكبيه لعقوبات تشمل استبعاد هذه المستندات المقدَّمة، و إصدار أحكام قضائية ضد مقدميها، وذلك بموجب المادة 37(هـ) من قانون الإجراءات المدنية الفيدرالي الأمريكي (U.S. Fed. R. Civ. P. 37(e))، فضلاً عن احتمالية الملاحقة  الجنائية بموجب المادة 18 U.S.C. §1519 وقانون التزوير البريطاني لعام 1981 (UK Forgery and Counterfeiting Act 1981)، ويمثل الاعتماد على الأدلة المصطنعة، مخالفة لمعايير التدقيق الدولية (ISA 200 وISA 240) التي تُلزم المدققين بالتشكك المهني والإفصاح عن أي مخالفات جوهرية من شأنها تضليل المحكمة أو التأثير على عدالة الحكم.

إن مؤسسة العدالة الدولية تعمل بالمشاركة مع عدد من كليات القانون العالمية لدراسة قضية تعمير، وسيتم نشر نتائج هذه الدراسات للاستفادة منها في تعزيز العدالة الدولية.

إن مؤسسة العدالة الدولية تأمل بنهاية سريعة وعادلة لقضية تعمير، ترسيخاً لمبادئ دبي الثمانية التي تعتبر مثالاً يُحتذى به.

وتفضلوا سموكم بقبول فائق الاحترام والتقدير

مؤسسة العدالة الدولية

واشنطن العاصمة